لا تلعنوا النّاس

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على اشرف المرسلين


السلام عليكم




عن أبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه
قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ''لاَ
يَكُونُ اللعّانون شُفَعَاءَ وَلاَ شُهَدَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ'' رواه
مسلم وأبو داود وأحمد.

إنّ اللعن ظاهرة تفشَّت وبكثرة بين الشباب، إذ تَجِد الشاب يلعن صديقه
وزميله، بل حتّى الجمادات لَم تَسْلَم من لعن بعضهم فصار اللعن على ألسنة
كثير من النّاس أمرًا طبيعيًا.

هذا ويرجع علماء الشريعة أسباب هذه الظاهرة لجهل النّاس وعدم فقههم في أمور
دينهم.

فاللعن معناه الطرد والإبعاد من رحمة الله، وفي هذا المعنى يقول سيّدنا
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''إنّ من أكبر الكبائر، أن يسُبَّ الرجُل
والِديه، قيل: وكيف يسُبّ والِدَيه؟ قال: ''يَسُبُّ أباَ الرجُل فيسُبُّ
أباهُ وأمّه'' متفق عليه. أي إذا قُلتَ لصديقك أو أيّ أحد ''الله يلعنك''
ومعنى ذلك: أنّك تسأل الله أن يطرده من رحمته، وعندما تقول له ''يا ملعون''
أي يا مطرود من رحمة الله.

أما حكم هذا اللعن في شرع الله عزّ وجلّ فهو ''حرام'' وعليك إثم عظيم، قد
يصل مقدار هذا الإثم مقدارًا لم تكُن تتوقّعه ولم يخطر على بالك. قال
النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ''سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ
كُفْرٌ'' متفق عليه.

وقد تلعن إنسانًا، إلاّ أنّ اللعنة ترجِع عليك شخصيًا، لأنّ هذا الإنسان
بريء وغير مستحق للعنتك له، وعند ذلك تكون متسببًا في لعن نفسك، مصداقًا
لقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ''إنّ العبد إذا لعَن شيئًا صعدت
اللعنة إلى السّماء، فتغلق أبواب السّماء دونها ثُمّ تهبط إلى الأرض، فتغلق
أبوابها دونها ثمّ تأخذ يمينًا وشمالاً فإذا لم تجد مساغًا، أي مدخلاً
وطريقًا، رجعت إلى الذي لُعِن فإن كان أهلاً لذلك، وإلاّ رجعت إلى
قائلها''.

واللعن آفة من آفات اللسان، ومن عادات ضعاف الإيمان والعياذ بالله، ودليل
ذلك أن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ''ليس المؤمن بالطعَّان ولا
اللعّان ولا الفاحش ولا البذيء''، ومَن كان لعانًا فإنه لا يشفع يوم
القيامة لغيره ولا تُقْبَل شهادته على غيره، مصداقًا لقول النّبيّ صلّى
الله عليه وسلّم قال: ''لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة''.

وحتّى تدركوا خطورة اللعن، تأملوا هذه القصة: عن عمران بن حصين رضي الله
عنهما قال: بينما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في بعض أسفاره وامرأة من
الأنصار على ناقة فضجرت فلعنتها، فَسَمِع ذلك رسول الله فقال: ''خذوا ما
عليها ودعوها، فإنّها ملعونة''، قال عمران فكأنّي أراها الآن تمشي في
النّاس ما يعرض لها أحد.