محاربو الصحراء ويقضون سهرات رمضان
مع صايفي ومنصوري وبلحاج
عندما تغيب البروتوكولات ونام الحسابات.. تصحو المشاعر الرمضانية ويلتقي أفراد الجالية الرياضية في قطر على مائدة جامعة..
مائدة تحتضن اللاعب الدولي والمهندس البترولي والإعلامي والداعية.. مائدة ليست ككل الموائد لأنها تنطلق على اسم الله ونتهي على "وان،
تو، ثري.. فيفا لالجيري"..
خبرة صايفي تريح منصوري وبلحاج
رفيق صايفي الذي أنهى مؤخرا ارتباطه بالخور القطري، وبحكم أنه أول لاعب من صانعي ملحمة أم درمان تطأ أقدامه الدوحة، لم يترك رفاقه
وخلق لهم أجواء عائلية رفقة البعض من أبناء الجالية الجزائرية.. فبداية من الساعة الخامسة مساء يلتقي رفيق ويزيد ونذير ببهو الفندق الذي
يقيم فيه القادمان الجديدان للدوحة، وينطلق الجميع في سيارة رفيق نحو منزل محسن صديق رفيق المقرب في قطر، وقبل موعد أذان المغرب
بنصف ساعة يكون الجميع بالمنزل ينتظرون لحظة الإفطار، بينما يفضل سليمان إتمام تفاصيل المائدة في الوقت الذي يتكفل فيه أبوطالب شبوب
بإعداد الشاي الصحراوي المنعنع، بما أنه ابن الصحراء وهذه المهنة لا يجيدها غيره، وعادة ما يقوم الجميع بالمساعدة في إتمام ما تبقى خاصة
إذا اقترب موعد الإفطار، فالوقت من ذهب والجلسة قد لا تتعدى ساعة من الزمن، كون لاعبينا مرتبطون بمباريات وتدريبات وإلا فصلاة
التراويح في انتظارهم..
جلسة الإفطار لا تخلو من ضحكات الجميع، وخفة روح يزيد ورفيق اللذين يصنعان جوا رائعا يُجبرك على الابتسامة عند كل موقف، في الوقت
الذي يحاول فيه نذير أن لا يقع ضحية لهما، وزامنت جلسة أول أمس مع فوز رفاق نذير بخماسية قبل تعادلهم الأخير وخسارة رفاق يزيد
بخماسية أيضا بعد أن أكملوا المباراة منقوصين عدديا مما جعل النادي العربي ينقض عليهم وهذا كان سببا كافيا لأن يحول نذير إتجاه "المتالبة"
نحو يزيد الذي وعد زميله بالفوز عليه، أما رفيق فتجده يتقمص دور الحكم الذي لا يغضب هذا ولا ذاك..
بعد الإفطار يلتف الكل حول الحلويات الجزائرية و"قلب اللوز" الذي زار الدوحة مؤخرا بعد أن فضلت إحدى السيدات الجزائريات أن تفتح
محلا بطريق سلوى الشهير بدوار "هارديز" تبيع فيه ما لذّ وطاب من الحلوى العاصمية، ومع كؤوس الشاي المزينة بالنعناع يكون آخر شوط
في فطور اليوم قبل أن يلتحق كل لاعب بناديه لمباشرة التدريبات أو خوض المباراة وإلا فالوجهة ستكون المسجد لأداء صلاة التراويح على أن
يلتقي الجميع في فطور الغد في حلقة أخرى لا تختلف كثيرا عن سابقاتها من حيث المرح والراحة
"الحمد لله.. السنة الماضية لما قدمت للدوحة كان ذلك في أول يوم لشهر رمضان، ولم أكن أعرف أحدا، ورغم ذلك فتح لنا الجزائريون بيوتهم
هنا بالدوحة ولم أفطر يوما واحدا بالفندق، وبعدها واضبت على الإفطار مع أصدقائي محسن وشكيب ولعلى وتوسعت هذه السنة إلى سليمان
وأبوطالب ومع مجيء يزيد ونذير كان لزاما أن يكونا معي ملتفين حول مائدتي، وصدقني الأجواء الجزائرية لا تغيب عنا، إذ يتم طهي كل
المأكولات الجزائرية وببراعة أيضا بل بدرجة تفوق فيها على النساء على أمل أن لا يغضبن، يضحك ..الأجواء مع يزيد ونذير ومحسن رائعة
جدا خاصة حين تصلي وراء نسيم".
"شهر رمضان بالدوحة يختلف كثيرا عن أوروبا، فهنا اليوم قصير جدا، كما أننا لا تدرب في الصباح لأننا في بلد إسلامي فكل الحصص
التدريبية تبرمج مساء مع المباريات، وهذا أمر جيد للغاية، حقا لمست هذا الفرق في أول يوم وسعدت لذلك لأنك لن تفكر كيف ستصوم بل
تركز على التدريبات وفقط.. أما الإفطار هنا بالدوحة أدخل عليه زميلنا رفيق جوا رائعا حيث جمعنا من جديد على مائدة جزائرية، هذا أمر
يُسعدني كثيرا فمن أول يوم لا تحس أنك غريب".
قد يكون الإفطار عاديا جدا مع غالبية أفراد الجالية الجزائرية هنا في قطر ممن تعودوا على اللقاء بصفة دورية، ولكن الأمر الذي يضيف
للإفطار نكهة خاصة هو وجود لاعبينا بينهم.. هي فرصة مناسبة ليلتقي الجميع دون بروتوكولات وهي فرصة ليتلقوا آراء الجمهور وانتقاداته
لأدائهم، وهي فرصة أكبر لضرب الصورة النمطية للاعب المحترف.. فهنا لاعبون ينشطون في بلد مسلم ،والصلاة جزء من يومياتهم في
التدريب، وفوق ذلك فهم يستجيبون لدعوات أبناء الجالية بصدر رحب ويحرصون على التواجد معهم.. هي صورة تعلن بوضوح أن اللاعبين
الدوليين كأي جزائريين آخرين يستجيبون لنوازع الدين الإسلامي الحنيف ويحرصون على تعاليمه، خصوصا إن كانت البيئة مساعدة لهم.. هنا
يصدّر لاعبونا صورة جميلة لدوليين ينشطون ويكسبون جيدا ولكنهم ملتصقون بأخلاقهم.. هي صورة لأخلاق العائلة الجزائرية الحقيقية وبرهان
أن تطبيقها ممكن جدا مع لاعبينا الناشطين بأوروبا بقليل جدا من التشجيع.. وإن لم يكن لاعبونا في قطر قد فعلوا شيئا غير تقديم الجزائري
بصورة الحريص على دينه المواظب على صلاته فكفاهم ذلك شرفا وكفى بهم سفراء لكرتنا وشخصياتنا الجزائرية.