جولة في موروم: روسيا</STRONG>
مدينة موروم – احدى المدن الروسية القديمة.تقف هذه المدينة الروسية شامخة </STRONG></STRONG> ضاربة جذورها في عمق التاريخ، لم تتأثر بالتغيرات السياسية أو المناخية ومع مرور الزمن تحولت من حصن منيع الى واحة سياحية تزين ضفاف نهر أوكا، أحد أكبر الروافد التي تصب في نهر الفولغا. نفوسها حوالي 120 الف نسمة وتبعد عن العاصمة موسكو حوالي 300 كم.</STRONG> نبذة عن تاريخ المدينة</STRONG>
جاء اول ذكر للمدينة في المدونات التاريخية عام 862 ويعتبر هذا التاريخ الرسمي لتأسيسها بالرغم من ان الحفريات الاثرية تفيد بان تاريخها يعود الى زمن بعيد يصل الى 20 الف سنة. اسم المدينة يعود الى قبائل موروما الفنلندية – الاوغرية التي سكنت هذا المكان في السابق وانصهرت مع القبائل السلافية فيما بعد.</STRONG> </STRONG>كانت ادارة المدينة كما في </STRONG>فيليكي نوفغورد </STRONG>تعود الى مجلس يشبه البرلمان. وفي عام 988 وصل الى موروم اول امير من كييف وكان الابن الاكبر للامير فلاديمير سفياتوسلافيتش المعظم. كان هذا الامير قد اعتنق المسيحية في حين كان اغلب سكان موروم وثنيين.
بعد وفاة </STRONG>ياروسلاف الحكيم </STRONG>انتقلت السلطة في المدينة الى ابنه سفياتوسلاف الذي في عهده ازدهرت التجارة. ولكن لكون المدينة واقعة في منطقة حدودية لذا كانت ساحة للمعارك حيث تعرضت مرات عديدة الى هجمات الاعداء حتى ان الامراء الروس رغبوا بضمها الى مناطق نفوذهم وتشهد على ذلك المعركة التي وقعت بين اوليغ سفياتوسلافيتش</STRONG> وايزيسلاف</STRONG> ابن </STRONG>فلاديمير موناماخ، </STRONG>والتي بنتيجتها قتل ايزيسلاف.
في عام 1097 اصبحت المدينة عاصمة لولاية موروم- ريزان التي انفصلت عن امارة تشيرنغوف عام 1127. بعد ذلك انقسمت هذه الولاية الى امارة موروم وامارة ريزان.
في بداية القرن 13 حكمت المدينة من قبل اشهر زوجين هما بيوتر وفيفرونيا وحسب ما جاء في رواية " الامير بيوتر والفتاة فيفرونيا " تمكنت الفتاة من علاج الامير من مرض عضال اصابه وبعد مرور فترة على تعافيه قرر الزواج من الفتاة التي عالجته بالرغم من معارضة نبلاء المدينة لكونها من العامة، بعد اتمام مراسم الزواج تنازل الامير عن العرش وغادر الزوجان المدينة. ولكن بعد اشتداد الخلافات والصراع داخل السلطة طلب من الامير العودة الى المدينة واستلام السلطة وهذا ماحصل فعلا. توفى الزوجان في نفس اليوم الموافق 25 يونيو/حزيران عام 1228 ورفاتهما موجود في دير الثالوث الاقدس للراهبات. لقد ارتبطت مدينة موروم باسم القديسين بيوتر وفيفرونيا اللذين أصبحا رمزا لعيد الأسرة والحب والاخلاص. وأصبح ضريحهما مقصد الكثيرين لمباركة الزفاف وجلب البركة للعائلة.
في عام 1239 هاجم التتار المدينة ونهبوها واحرقوها ولم يبق فيها الا عدد قليل من السكان الذين كانوا يدفعون الجزية للتار. في عام 1351 بدأ الامير يوري باعادة بناء المدينة المهجورة وفي عام 1355 تم ضمها الى امارة موسكو في عهد الامير فاسيلي الاول وفقدت استقلالها واصبحت قلعة حدودية لامارة موسكو.
لقد كان الخطر الاكبر الذي تواجهه امارة موسكو يأتي من الشرق وبالذات من خانية </STRONG>قازان</STRONG> حيث استمرت هجمات التتار وغزواتهم على المدن الروسية لذلك قرر القيصر </STRONG>ايفان الرهيب </STRONG>عام 1549 اخضاع قازان بالقوة ولكن محاولته الاولى باءت بالفشل. وبعد مرور 3 سنوات اعاد الكرة بعد ان وعد ببناء كنائس واديرة من الحجر في مدينة مورم في حالة انتصاره. وفعلا بعد ان اخضع قازان شيدت في المدينة مجموعة من الكنائس والاديرة التي مازالت قائمة حتى هذا اليوم. بعد هذا الانتصار اصبحت المدينة هادئة ونمت التجارة فيها وازدهرت المدينة.</STRONG> موروم في الفترة المظلمة </STRONG>لقد سبق الازمة السياسية في البلاد وهجمات القوات البولندية – الليتوانية سنوات عجاف وجوع وانتشار الاوبئة والامراض. ففي عام 1609 تعرضت المدينة الى احتلال القوات الاجنبية.
خلال </STRONG>الفترة المظلمة </STRONG>شارك اهل المدينة في محاربة المحتل الاجنبي وفي سنوات 1611 – 1612 كان رجال موروم من الاوائل الذين لبوا دعوة الامير دميتري بوجارسكي والتاجر كوزما مينين حيث ارسلت المدينة مقاتليها لتحرير موسكو من الاحتلال البولندي، ولكن بقيت القوات البولندية تسيطر على اراضي روسية اخرى. وفي عام 1616 هاجمت القوات البولندية المدينة وقتلت ونهبت المنازل والكنائس والاديرة.
بعد نهاية الفترة المظلمة عادت التجارة الى النمو والازدهار واعيد بناء المدينة من جديد. ففي عام 1624 كان في المدينة 145 متجرا لمختلف البضائع وتوسعت تجارة المدينة ووصلت حتى الى سيبيريا وبحر قزوين.
في عام 1708 ضمت المدينة الى مقاطعة موسكو وفي عام 1719 قسمت المقاطعة الى محافظات واصبحت موروم تابعة الى محافظة فلاديمير. في عام 1722 مر </STRONG>القيصر بطرس الاكبر </STRONG>بالمدينة وهو بطريقه الى استراخان. كما زارتها عام 1767 الامبراطورة </STRONG>كاترينا الثانية </STRONG>التي بهرتها الازياء الروسية القديمة.
احترقت المدينة عام 1792 بالكامل وتقرر اعادة بنائها باستخدام الحجر والاجر حسب مخطط مازال يحتفظ به لغاية الان.
في عام 1845 ظهرت في المدينة اول سفينة بخارية وفي عام 1858 بدأت رحلات نهرية منتظمة بين موروم وبقية المدن الواقعة على نهر اوكا. وفي عام 1880 ربطت المدينة بخط سكك الحديد الذي بواسطته اصبح بالامكان الوصول الى موسكو ونيجني نوفغورود. وفي عام 1912 انجز خط سكك حديد موسكو – قازان الذي يمر عبر مدينة موروم.
</STRONG></STRONG> ومدينة موروم هي اول مدينة في محافظة فلاديمير تم توزيع المياه فيها على السكان بواسطة شبكة موحدة لاسالة الماء، حيث شيد لهذا الغرض عام 1863 برج لضخ المياه مازال قائما حتى يومنا هذا ويعتبر من المعالم الاثرية للمدينة.</STRONG> ان مدينة مورم اليوم من محاور النقل المهمة حيث تمر عبرها خطوط سكك الحديد الى قازان وكفروف، وميناؤها يستقبل السفن التجارية كونه من اهم موانئ مقاطعة فلاديمير على نهر اوكا. كما انها مدينة صناعية تصنع فيها القاطرات البخارية وتزدهر فيها الصناعات الخشبية اضافة الى صناعة الانسجة واجهزة الراديو والاتصالات.
توجد في المدينة فروع لجامعات ومعاهد عليا اضافة الى المعاهد المهنية المتوسطة والثانويات الصناعية.
كما يوجد في المدينة متحف التاريخ والفن. اضافة الى دور السينما وقاعات الحفلات والمنتزهات.</STRONG>
يقول الكاتب الروسي الكبير مكسيم غوركي عن المدينة " من لم يشاهد موروم من جانب نهر اوكا فانه لم يشاهد الجمال الروسي"</STRONG>
المعالم الدينية التاريخية في المدينة </STRONG>
- دير البشارة للرهبان – اقيم هذا الدير على انقاض الدير الخشبي المبني في القرن 12 وكان يحتفظ فيه برفات الامراء قسطنطين</STRONG> </STRONG> وميخائيل وفيودر الذين اعتنق اهالي موروم</STRONG> الديانة المسيحية في عهدهم. اعيد بناء الدير عام 1553 بعد اخضاع قازان ومن ثم شيدت كاتدرائية البشارة التي مازالت قائمة حتى الان. كان الدير قد اغلق ابان العهد السوفيتي واعيد فتحه عام 1991.</STRONG> - دير الثالوث الاقدس للراهبات – بني هذا الدير عام 1643 مكان كنيسة خشبية قديمة. في عام 1652 شيدت بجانب كاتدرائية الدير قبة النواقيس التي تشكل مع الكاتدرائية وكنيسة قازان </STRONG></STRONG> المبنية عام 1648 مجموعة معمارية متميزة في موروم. كما توجد ضمن حدود الدير كنيسة القديس سيرغي رادونيجسكي الخشبية المبنية عام 1715 . كان الدير مغلقا من عام 1921 ولغاية عام 1991 حيث اعيد فتحه.</STRONG> - دير سباسكي للرهبان – جاء ذكر هذا الدير في المدونات التاريخية عام 1096 أي انه احد اقدم الاديرة في مناطق شمال - شرق روسيا. ويقع الدير على مكان مرتفع على ضفة النهر. اغلق </STRONG></STRONG> الدير عام 1918 وحول في البداية الى مصنع ومن ثم اصبح ثكنة عسكرية. في عام 1995 اعيد الى الكنيسة الروسية. يضم الدير كاتدرائية التجلي التي شيدت هي الاخرى بعد انتصار القيصر ايفان الرهيب على قازان، كما توجد ايضا كنيسة شفاعة العذراء المبنية عام 1691 وهناك مباني قديمة تستخدم كمستودعات وورشات للعمل.
</STRONG></STRONG> - دير القيامة للراهبات – لايعرف بالتحديد تاريخ بناء الدير ولكن الوثائق تشير الى انه تم عام 1764 الغاءه كدير للراهبات وبقيت فقط الكنائس التي بضمنه عاملة الى ان اغلقت بدورها عام 1930 . اعيد افتتاح الدير عام 1999 . توجد ضمن الدير كنيسة القيامة التي بنيت في اواسط القرن 17 وتقع على مقربة منها كنيسة تجلي العذراء المبنية في نفس الفترة.
اضافة الى هذه الاديرة توجد في المدينة كنائس وكاتدرائيات قديمة غيرها ومن اقدمها كنيسة كوزما وديميان التي بنيت عام 1556 مكان كنيسة خشبية. كما توجد على ساحل النهر كنيسة نيقولاي المبنية عام 1700 ومازالت تعمل، وهناك كنيسة الصعود المبنية عام 1729 ومازالت تعمل وكذلك كنيسة صعود العذراء المبنية عام 1790 وهي عاملة</STRONG> </STRONG> ايضا وكنيسة التقدمة المبنية عام 1795 وهي عاملة ايضا وكاتدرائية سمولينسك المبنية عام 1804 وهي كاتدرائية المدينة الرئيسية.
توجد في المدينة معالم تاريخية واثرية اخرى فمثلا لم يحصل أي تغيير في مركز المدينة التاريخي منذ القرن 19 حيث ان كل المباني تتكون من طابق واحد او طابقين مبنية من الحجر او الخشب. اشهر هذه المباني هي منازل التجار كاراتيغين وفوشينين ونيكيتين التي تشكل تحفة معمارية فريدة. كما توجد ايضا المحال التجارية القديمة التي مازالت تعمل حتى الان. يتضمن مركز المدينة ايضا مدرسة البنات والمدرسة الدينية وبرج ضخ الماء وايضا مبنى مجلس الدوما المبني في القرن 19 وهناك منازل اثرية عديدة مازالت قائمة ومحافظة على جمالها وروعتها.
</STRONG></STRONG> وتجدر الاشارة الى انه لايوجد في المدينة جسرثابت للسيارات على نهر اوكا. ويتم في فترة الصيف اقامة جسر عائم على النهر اما في فصل الشتاء فتتحرك السيارات على طبقة الجليد التي تغطي سطح ماء النهر، اما في فصلي الربيع والخريف فيمكن استخدام القطار لعبور النهر ويمنع استخدام الجسر الحديدي لحركة المشاة.</STRONG> </STRONG>